المواطن ضحية .. و95% من أمراض الكبد سببها السموم !
* أجرى الحوار / خليل القاهري
استهلالتخيلوا أن كل ما يحيط بنا وكل ما هو داخل في التكوين الغذائي لحياتنا يمثل السبب الرئيسي لأمراض الكبد وتليفها من خلال ذلك العدو الذي لا يرحم "السموم والمبيدات" التي ترش على الخضروات والفواكه والمحاصيل الزراعية الأخرى التي لا مناص من تناولها طالما وهي ضرورة مطلقة لحياة الناس, علاوة على ذلك "القات" وكل أنواع السموم التي يرش بها, منها ما هو ممنوع دولياً لكنه يدخل البلاد وسط حالة مخيفة من عدم الرقابة وإهمال المجتمع وموت الضمير لدى المتاجرين بحياة الآدمية, كل ذلك يؤكده المختصون ويوضحه موضوع هذا اللقاء مع الأستاذ الدكتور/ محمد سالم نعمان- استشاري أمراض الكبد والأستاذ المساعد لأمراض الكبد والجهاز الهضمي بكلية الطب- جامعة صنعاء..فإلى تفاصيل الحوار:ماهية الكبد* د. نعمان لا بد أن يحاط القارئ بالمعرفة الممكنة عن الكبد؟أولاً: الكبد هي عبارة عن مصفاة تستقبل كل ما يؤكل أو يشرب أو كل ما يدخل الجسم عن طريق الفم من مأكولات وسوائل, وهذه الأشياء الداخلة إما أن تكون نظيفة فيبقى الكبد نظيفاً وإما أن تكون غير نظيفة فيصاب الكبد بالتعب وتبدأ أمراض الكبد.* كيف تبدأ أمراض الكبد إذاً؟أمراض الكبد لها عدة أعراض أهمها ظهور الصفار في العينين والجلد وتغير لون البول والشعور بالإرهاق بعد كل مجهود, كما أن من الأعراض الشعور بألم أعلى البطن وغثيان وحتى ظهور حكة في الجلد, هذه الأعراض البسيطة لظهور المرض الأولي, ولكن هناك أعراض أخرى مثل التقيؤ بالدم “الطرش” وكذلك “انتفاخ البطن” أي الاستسقاء, وهذه عينة من الأمراض, وأيضاً قد يكون من الأعراض “تورم القدمين” وهناك الغيبوبة الكبدية مع العلم أن هناك بعض المرضى بالكبد قد لا تظهر عليهم أية أعراض ولكنهم يشتكون من التعب لدى القيام بأي جهد ولو كان بسيطاً, وهؤلاء فجأة توضح الفحوصات إصابتهم بالتليف الكبدي..طبعاً الذين يأتون إلينا وهم يعانون من أعراض “الصُفار” في العينين فيعتبرون في الطور الحاد من المرض, والطور الحاد معناه “المراحل الأولى” من المرض وسرعان ما يتم علاجه بعد التشخيص فيصبح طبيعياً, أما من يأتون إلينا وهم يعانون من “طرش الدم” أو “الغيبوبة الكبدية” أو تورم البطن أو الإرهاق الشديد فهؤلاء يكونون في مراحل متأخرة من مرض الكبد يسمى “التليف”.ارتباط مستمر* معنى هذا أن هذه الحالات المتأخرة لا يمكن علاجها؟لا بد من الإشارة إلى أن علاج المراحل الأولى المشار إليها سابقاً ممكن جداً, أما المراحل الخطيرة فالمريض يحتاج إلى العلاج الدائم والمدعم وضرورة الارتباط المستمر بمراجعة الطبيب.سموم* هل هناك أسباب بعينها تكمن وراء هذا الداء الخطير؟طبعاً كل بلد فيه أسباب تختلف عن البلد الآخر فيما يخص أمراض الكبد, لكن لو أخذنا أمراض الكبد في المنطقة العربية بشكل عام فلأمراض الكبد فيها أسباب محددة لعل البلهارسيا في مقدمة تلك الأسباب ثم الفيروسات الكبدية وعلى الأخص الفيروس الكبدي (ب) أو (ج), وفي بلادنا هذه الأسباب موجودة كلها بالإضافة إلى “الكحوليات” كسبب رئيسي لأمراض الكبد وأمراض تنتج عن تكدس الحديد والنحاس وأسباب مناعية, ولكن السبب الرئيسي لأمراض الكبد في اليمن هو “التسمم” وخاصة “سم القات” ومبيدات الرش للمحاصيل الزراعية, أي أن مرض “الكبد” في اليمن هو مرض بيئة, وفي كل محافظات اليمن مازالت البلهارسيا هي عامل قوي جداً يسبب أمراض الكبد.أعراض كامنة* إذاً طالما والأمر في اليمن يتعلق بالبيئة والقات والمبيدات, ونحن بلد لا رقابة فيه على صحة الناس, فمعنى هذا أن السواد الأعظم منا مصاب بأمراض الكبد فكما تعلم أن نسبة المخزنين كبيرة جدا؟والله من خلال تتبعي لحالات الناس يأتي إليّ من يريد فقط فحوصات عادية ولا يشتكي من علامات أمراض الكبد ولا من أعراض أخرى عادية, وبمجرد إجراء الفحص والموجات الصوتية يتضح تأثر الكبد بواسطة هذه المواد السامة المشار إليها, وقد يكون التأثير ظاهراً وقد لا يكون كذلك أي أنه يكون كامناً وقد يأتي المريض متأخراً مصاباً بالتليف وهنا الكارثة.* وبمن تناط المسؤولية في ظل هكذا وضع؟المسؤولية مسؤولية دولة ومجتمع, هناك مواد كيماوية تدخل اليمن بلا رقيب أي “مهربة” ومنها مواد ممنوعة دولياً تستخدم في بلادنا لرش المحاصيل الزراعية المكونة لغذائنا, وهنا يكمن دور الدولة في منع ذلك ومعاقبة من يأتي بها و ثم هناك الكارثة الكبرى “القات” فالجميع يعلم من “زارعي القات” وبائعيه والمخزنين أن نسبة مدمرة من السموم ترش على القات, وهذه السموم عامل أبرز في أمراض الكبد وإنهاء حياة الناس, وهنا أيضاً لابد أن يعي بائعو القات وزارعوه أولاً, وكذلك المخزنون أن العواقب وخيمة ولا بد من مسؤولية جماعية, كما أنه نتيجة غياب الرقابة أصبحنا نأكل ونشرب مواداً لا أحد يعلم صلاحيتها وهي تملأ أسواقنا, فأين دور الجهات المعنية بالرقابة؟!دوامة ولا مسؤولية!* في ظل هذه الدوامة نبدو كأننا لا محالة مهددون بأمراض الكبد وأمراض أخرى, فكيف يتصرف المواطن البسيط؟لا بد على كل هيئة أو مؤسسة أو جهة أن تقوم بدورها, وحتى المواطن, فماذا سيضير لو أن بائعي الزيوت حكّموا ضمائرهم وقالوا للناس هذه زيوت نظيفة؟ كذلك بائعي اللحوم والدجاج وحتى بائعي القات, قد يوجد هناك من لا يتعاطى القات لكن استحالة أن يستغني عن البطاط والطماط مثلاً, كلنا نأكل من خيرات هذه الأرض وليس هناك من يأتي بأكله على متن طائرة من الخارج, ومن هنا فلابد أن نحرص على اختيار ما نأكل وأين نأكل, ولهذا فالعازبون أكثر عرضة للإصابة لأنهم يأكلون في المطاعم والشوارع, وبدون معرفة صلاحية الأكل والزيوت و... الخ.* د. نعمان.. 0هل يتساوى الرجال والنساء في الإصابة بأمراض الكبد؟طبعاً يتساوى طالما المصدر واحد وهو السموم, مع فارق أن النساء أقل تعاطي للقات وبالتالي فبالضرورة أن الرجال أكثر عرضة لهذه الأمراض وفي الأسباب المتعلقة بسموم القات.نسبة مخيفة* ماهي نسبة الإصابة الحالية أو المحتملة للإصابة بأمراض الكبد في المجتمع اليمني؟من خلال تتبعنا لحالات المرض فهناك 95 % من أمراض الالتهاب الكبدي الحاد سببها السموم وليس سواها, وبالنسبة للمجتمع ونسبة المصابين فهناك ما لا يقل عن (20%) من اليمنيين مصابون بأمراض كبد واضحة وليست كامنة وهذه نسبة مخيفة.تدمير الكبد* ما الفارق بين حالات مرض الكبد الناتجة عن الفيروسات وتلك الناتجة عن السموم؟أمراض الكبد بسبب الفيروس تختلف عن السموم من حيث أن الفيروس يدمر الكبد بعد عشرات السنين فقد يأتي المريض مصاباً بالتليف وعمره ما بين 40-60سنة في حين أن سم القات يدمر الكبد في خلال شهور أو سنة أو سنتين على الأكثر فيأتي المريض مصاباً بالتليف وهو في سن الشباب (15-20سنة) وقد دمر الكبد وانتهى, وهنا يضيع هذا الشاب فلا يتمكن من ممارسة حياته الطبيعية والزوجية والأسرية.. ودعني أشير إلى أن كل حالات الالتهاب الحاد الناتجة عن السموم يعود فيها المريض إلى حالته الطبيعية بشرط ألا يخزن القات أبداً, فمن خلال الحالات التي جاءت إلينا وكان القات سبباً في إصابتها اتضح عودتها طبيعية 100% بمجرد الإقلاع عن القات خلال شهر أو أكثر قليلاً, ولكن بالعودة إلى القات مرة أخرى تتعب حالة الكبد وتصل إلى مرحلة التليف ويصعب العلاج, وذلك لأنه بوصول الكبد إلى التليف يتحول الكبد إلى مجرد قطعة يصغر حجمها باستمرار ويصبح فيها ألياف أو خيوط وحينها لا يقوم الكبد بالدور الذي خلقه الله من أجله.* إذاً ماذا عن العلاج؟العلاج للمرض في أوله يكون مجدياً تماماً, ولكن في مراحله المتأخرة لا يعدو عن كونه علاجاً مدعماً يساعد المريض.سرطان ووفاة* بالعودة إلى الأعراض كتورم القدمين وانتفاخ البطن والغيبوبة الكبدية.. لماذا يحدث كل هذا؟عندما يتعب الكبد يسرب الماء أو السوائل إلى البطن والقدمين فيحدث التورم والانتفاخ جراء السوائل, كما أنه قد تظهر على الكبد المتليف أورام سرطان وقد يدخل المريض ذي التليف المتقدم في غيبوبة كبدية ويأتينا محمولاً فاقد الوعي وهنا نسبة الوفاة تكون مؤكدة 85% .طب شعبي* العلاج الطبيعي والأعشاب والعسل.. هل صحيح أن لها فاعلية ضد التليف وأمراض الكبد؟ليس لها أي علاقة, ولو كان الأمر كذلك لما جاء إلينا أناس من أشهر مناطق العسل اليمني مصابين بالتليف.. معنى هذا مع أنهم مع العسل من الصغر ولكنهم مصابون, وهذا يدل على أن العسل ليس علاجاً للتليف ولا الأعشاب, بل قد يكون العسل سبباً في ذلك, وحتى الحجامة لا علاقة لها بل قد تكون ناقلاً للفيروسات من شخص لآخر, والمسألة ببساطة إصابات الفيروسات تتم معالجتها, بينما حالات السموم علاجها منع القات.. ما عدا ذلك لا علاقة له, ولو كان في الأعشاب فائدة لكان الغرب سبقونا إليها.فحص مبكر* هناك من يتردد كثيراً أو يتخوف من إجراء الفحوصات الطبية بهذا الخصوص.. لماذا؟.. وبماذا تنصح هؤلاء؟كثيرون يتخوفون من إجراء الفحوصات, ولكن الأحرى عندما يكون المرء في منطقة موبوءة فلابد من الفحص لأنه كلما اكتشفت الحالة مبكراً تتم معالجتها مبكراً, ولابد من التحري والبحث عن ذوي الاختصاص كل في مجاله, فقد تذهب إلى طبيب غير متخصص ولا يفيدك, لأنه مثلاً من أسباب المرض الفيروسي الكبدي (ب) وهذا له تطعيم وقد ينتقل عن طريق الحلاقين أو بعد فرشاة الأسنان والعمليات الجراحية والتطعيم ضد هذا النوع يعطي الإنسان وقاية 100% فالفحص ضروري, ولهذا فالتطعيم والحملات التي تنفذها الدولة مشكورة تعطينا وقاية فقط من نوع واحد من أسباب مرض الكبد وهو الفيروس (ب).ولا بد من الإجمال كما يلي:لتجنب أمراض الكبد:أولاً: في حالة البلهارسيا علاجها متوفر في الأسواق ونتائجه فعالة 100%.ثانياً: في حالة الفيروس الكبدي (أ) الذي يصيب الأطفال بشكل أساسي وهذا يخرج من الجسم ليس له أثر.ثالثاً: الفيروس الكبدي (ب) له لقاح واقي 95% وهنا تبرز أهمية التطعيم للفئات العمرية أقل من 40سنة.رابعاً: الفيروس الكبدي (سي) وهذا ليس له علاج على مستوى العالم حتى الآن.خامساً في حالة السموم علاجها أسهل وهو الامتناع